اعلم أيها المقبل على الزواج أو من تفكر في الزواج أن الله معك؛ فالزواج رباط مقدس مبارك من الله تعالى وليس تقييدا كما يظنه البعض.
بل هو عنوان الحرية التي يطلبها الأفاضل الشرفاء، وفيه المودة والرحمة والأنس والمسرة لطالب الحلال، وهو أمر ككل الأمور، يحتاج راغب الحياة السعيدة والعيشة الهنيئة فيه إلى عمل واستعداد ووعي وفهم وتطبيق.
والبداية تكون بنبذ كل المفاهيم المغلوطة وما يتداوله بعض الناس في المجالس الرجالية أو المجالس النسائية من أفكار خاطئة يقنع بعضهم البعض بها، ويعتبرونها وسائل مجدية بحكم التجربة، ولو سألت مجربا عاقلا ثقة لما نصحك بها أبداًً، فعليك وأنت مقبل على الزواج بحسن الاختيار، نعم حسن اختيار الزوجة وكذلك الزوج فهو أول بذرة ذهبية في الحياة الزوجية السعيدة.
فإن كانت زوجتك لها أهداف طيبة وأنت كذلك فلن تجدا ما يعيقكما، بل ستكونان عوناً لبعضكما على الخير تأخذ بيدها وتأخذ بيدك، وسترى الثمرات في كل زاوية من بيتك، وفي كل لحظة من حياتكما معاً ولأبنائكما مستقبلاً، ثم عليك بالدعاء، اسأل الله دائماً أن يرزقك زوجة صالحة صادقة.
واحرص وأكثر من الدعاء في أوقات الاستجابة، كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، فأقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد وإن وجدت ضالتك (عروسك، نصفك الآخر) فاستخر؛ فما خاب من استخار، وتمعن واستشعر كل كلمة في دعاء الاستخارة.
ثم استعد الآن، فقد اقتربت من العمر الجديد والمرحلة الأجمل، وقد حدد يوم الزفاف، فاحرص أن يكون حفل زفافك إلى عروسك خاليا من المظاهر المكلفة المُبالغ فيها، التي لا تعود على الزوجين إلا بتحمل تبعات هذه المظاهر التي ترهق كاهل الزوج وربما الزوجة، وثمرته قد يُحرم العروسان التوفيق والعيشة الهنية، فيا راغب السعادة.
ومن جعلت الله في طريقك، لا يهمك ما يرضي الناس، فرضاهم غاية لا تدرك، واسع إلى رضا خالق الناس، فمنه السعادة ومنه الخيرات (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤونة الناس) والتوفيق بيد الله وحده.
والآن وأنت في حياتك الجديدة تفرغ لزوجتك، خاصة في الأيام الأولى، لتتعرفا على بعضكما، ويتفهم كل منكما الآخر، وكن عوناً لزوجتك على الخير، شجعها على سماع المحاضرات العامة والزوجية خاصة.
واستمعا معاً إلى ما يدلكما على حسن التقبل والزواج الناجح، وكيف يربى الأبناء التربية السليمة القويمة فالاستعداد للتربية الناجحة يبدأ قبل الزواج، كذلك اشتركا معاً مثلا في حفظ آيات من كتاب الله أو أحاديث الرسول كالأربعين النووية وتسابقا في ذلك، وفي مسابقات وألعاب مسلية فهذه من الأسباب التي تحقق الانسجام والتآلف وتقرب وجهات النظر تدريجيا.
وفي تعاملك مع زوجتك، كن رقيقاً حكيما محباً، حتى وإن أخطأت، قوِّم خطأها بحب ولطف وحكمة، ولا تتعال عليها، وليكن حل مشكلاتكما بينكما أنتما فقط، واحفظ أسرارها واتفق معها في لحظات المصارحة - ولتكن في أول أيامكما الجديدة - أن أسراركما لا تفشى، وما بينكما من أمور خاصة تظل بينكما لاتعلن، لا منك ولا منها، ولا لأم ولا لأب أو إخوة أو أخوات.
وهذا يخلصكما من ضغوط قد تواجهكما مستقبلا، فإذا استشرتما أحد أقاربكما في مشكلة خاصة فسيظل يسأل عن حالتكما ويقلق عليكما، وقد يكون الموضوع عندكما انتهى.
فانتبها لهذا الأمر، وإن احتجتما لاستشارة فاستشيرا ذا الرأي والمشورة الثقة أو اتصلا بأحد مراكز الاستشارات الأسرية وهي منتشرة - ولله الحمد - بيننا، وتأكد أنه مهما واجهتك من أمور، فلكل مشكلة حل ولكل داء دواء فـ (أعط الخبز لخبازه) ولا تجعل أي أمر عقبة في طريقك لا تستطيع الخلاص منها بل انهض بها ولا تحزنك، فأنت ربان السفينة السعيدة - إن شاء الله - في الرحلة الزوجية الشيقة.
ولا تنس المفاجآت السارة والهدية الظريفة في المناسبات، كالأعياد أو قدوم مولود أو الترقية إن كانت زوجتك موظفة وغيرها، واستمر عليها فلها أثر كبير في دوام الود والمحبة.
وللحديث بقية. .
أسأل الله أن يجعل حياتنا وحياة كل مقبل على الزواج موفقة مباركة، ويبارك لهم ويبارك عليهم ويجمع بين كل عروسين في القريب العاجل على خير ورضا ويرزقهم الذرية الصالحة.
الكاتب: هياء عبدالله الدكان
المصدر: موقع آسية